..والصمتُ أقسى من حسابِ الذُّنوب !!

” الساخر كوم ”

قبل البدء
والطريق التي كانت هنا ..
لم تعد ..
قرر احدهم أن يصادرها من أقدام المارّة ..
حين أدرك أنهم سيصلون !!

على نفس الباب …
تتكرر القصة ..
الأسماء تختلف والحوار واحد لا يتغير ..
– من بالباب
– إنه أحد رعاياكم يا مولاي .
وبتأفف :
– .. دعه يدخل

وكعادة “الرعايا” منذ الأزل .. يدخل ثم تسرق منه دهشة المكان كل العبارات التي رددها ألف مره قبل أن يدخل !
وكعادة ” الولاة ” منذ الأزل .. يبتسم لاندهاش رعيته من بذخه وفخامة عرشه !!
ثم يسأل :
– منذ متى وأنت بالباب يا ” هذا ” ؟!
– منذ ألف عام يا مولاي !
– لم يفتك الكثير فنحن لانزال نتحدث في نفس الموضوع !
– قاتل الله العجلة يامولاي !!
– وماذا تريد ؟!
– كنت أود يا مولاي أن أقول أن شعبكم …
وقبل أن يكمل وكعادة الحاشية ـ منذ الأزل ايضاً ـ يتدخل أحدهم ويكمل نيابة عنه :
– إن شعبكم يامولاي بالف خير ونعمة .. إنهم محسودون من كل دواب وهوام الأرض على نعمة الأمن وعلى الرخاء الذي ينعمون به في ظل حكمكم ” الرشيد ” أدام الله بقائكم !

يبتسم الوالي إبتسامة المنتصر ثم يردد عبارة قالها كل من كان قبله ولا زال يرددها كل من أتى بعده :
– نحن لا نطمح في هذه الدنيا إلا إلى عمل صالح نتقرب به من الله وكل ما نقوم به من أجل الرعية تقوم به خالص لوجه الله !
ثم يلتفت لهذا الزائر ويشكره على جميل عباراته ” التي لم يقلها ” ويطلب من حاجبه أن يأخذه إلى خارج قصره !!

يخرج هذا ” الشيء ” الذي تغير اسمه ألف ألف مره ..
لكنه لازال هو هو نفسه ..
مرّة سموه ” مولى ” ..
ومرّة قالوا أنه أحد ” العامة ” ..
وأخرى سموه ” أحد أفراد الرعية ”
وسموه أشياء كثيرة قبل أن يستقروا في النهاية على تسميته ” مواطن ” !!!

يخرج مقتنعاً بـ”سفهه ” في ظل هذا الحكم ” الرشيد ” !!

يخرج من التاريخ مهرولاً نحو الحاضر ..
ليحدثه عن اسماء وأماكن ، ليحدثه عن نفسه ..

ويحدثونك عن التاريخ ..
والتاريخ عباءة الغير .. التي يعجبنا شكلها لكنها لا تقينا البرد !!
والتاريخ هو القصر المنيف الذي نتحدث عنه ونحن نفترش الرصيف !
هكذا نراه ..
أو نتخيله ..
رغم أن بداخل هذا التاريخ من مات من البرد ..
ورغم أنه هذا التاريخ / القصر ليس سوى واجهة خلفها أرصفة ومتشردون مثلنا ..
ماتوا قبل أن يروا وجه السلطان الفاتح الذي زينت صوره كل كتب التاريخ
في هذا التاريخ ..
أبطال لم يرهم أحد ممن عاش معهم ..
رأيناهم نحن فقط .. حين لم نجد شيئاً آخر لنراه !!

خرج وهو يردد كلمات لا يعلم أين سمعها للمرة الأولى :
النصر حالة استثتائية والهزيمة قاعدة !
الكل يستطيع أن يمارس ” الهزيمة ” وبتفوق !!
أما الذين يمتلكون القدرة على الإنتصار فهم الاستثناء ..
الانتصار على / في كل شيء ..
والمعركة الأهم هي معركة النفس ..
حين نتغلب على أنفسنا فنحن نهزم كل شيء بل إننا حين نتغلب على أنفسنا فإنه لا يصبح لنا أعداء !!

لكنه يجد صعوبة في خوض هذه المعركة ضد نفسه !!
يقتنع أخيراً بانه ” سيجنح للسلم ” مع نفسه رغم أنها لم تفعل !!
سيتأقلم مع مجتمعه ” الفصامي ” ..
سيستمع بـ”الشيزوفرينيا ” التي يقتاتها كل يوم ..
هو ليس إلا ” واحد ” .. والواحد لا يبعد كثيراً عن محيط ” الصفر ” !!
ليس إلا “واحد ” في أمة ..
أمة تبرع في خلق الأعداء .. وتبرع أكثر في الهزيمة أمامهم !!
أمة تحرم أكل “الميتة “..
ثم تقتنع أنها ” حية ” فيأكل بعضها بعضا ..

قرر أن يرتاح كعادة كل الذين كانوا قبله ..
وكل من سيأتي بعده ..
سينام ..
فالحاضر ليس سوى ” تاريخ ” للمستقبل ..
ليس سوى رصيف لمتشردين ..سيراه القادمون بعدهم قصراً منيفا ً

وعلى مثل ذلك ” نفترق ” !!

بعد البدء
الطريق الذي لا يؤدي لشيء ..
يشبه تماما الطريق الذي يؤدي إلى ” لا شيء ” !!

سهيل اليماني

Archived By: Crazy SEO .

تعليقات

المشاركات الشائعة